Scroll down
تعزيز ذكاء البيانات والتقنيات لمجتمعات أذكى
تحتل البيانات بالفعل مكانة كبرى في مجتمعاتنا الحديثة، ولكن تحقيق الاستفادة القصوى من تقنيات المستقبل الذكية يتطلب تطوير مراكز البيانات القائمة اليوم.
عرف البشر تغييرات جذرية في حياتهم وأعمالهم وسبل تواصلهم مع بعضهم البعض منذ بروز الحلول الذكية مثل الأتمتة والذكاء الاصطناعي، مدفوعةً بكميات هائلة من البيانات التي تُعالجها يومياً الأجهزة الذكية والبنية التحتية التقنية، فهل مراكز البيانات وحلول المعالجة قادرة على الاستمرار في تلبية الطلب المتنامي على البيانات؟
على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن العالم لا يزال بعيداً عن استغلال البيانات بشكل كامل وفعال، حيث لا تتعدى البيانات المستغلة بالكامل ما نسبته 1٪ من مجموع البيانات المنتجة يومياً، الذي يصل إلى 2.5 كوينتيليون بايت، وفي ظل الاعتماد المتزايد على البيانات في مختلف المجتمعات والاقتصادات حول العالم لضمان ذكاء القرارات وفعالية العمليات الاقتصادية، إلا أننا سنحتاج في المستقبل إلى جمع واستغلال أعداد متزايدة من البيانات، مما سيثقل كاهل البنية التحتية القائمة للبيانات في ظل هذا التدفق الضخم للمعلومات، وبالتالي، لا يمكن للعالم الوصول إلى مجتمعات أذكى من دون ابتكار حلول فعالة للبيانات.
عليه، نحن في الفنار للمشاريع ندرك قدرة البيانات على دفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز صحة وسعادة المجتمعات، ولذلك أطلقنا بالفعل مشاريع لإنشاء مراكز بيانات قوية، ونفخر بمشاركة خبرتنا في هذا المجال.
كيف يبدو الغد في عصر البيانات والذكاء؟
تعد البيانات اليوم من أبرز ممكّنات النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، وقد تحولت إلى أداةٍ لا غنى عنها، سواء للشركات التي تعتمد التقنيات السحابية لممارسة أعمالها بسلاسة من مختلف أرجاء العالم، أو لصنّاع القرارات الذين يستندون إلى حلول البيانات المبتكرة لإدارة الموارد، أو غيرهم.
وبالإضافة إلى ذلك، تؤدي البيانات دوراً محورياً في تقنيات إنترنت الأشياء، حيث تقوم هذه الشبكات المترابطة التي تجمع ما بين قدرات الأجهزة الذكية الرقمية منها والفعلية بإنتاج واستقبال وإرسال وتحليل كميات ضخمة من المعلومات، ولا شك في أن إنترنت الأشياء يحقق أثراً كبيراً في حياة البشر من مساعدة المدن على إدارة الموارد والبنية التحتية بفعالية أكبر إلى تمكين أشكال جديدة ومبتكرة من العمليات التجارية.
ولعلّ أحد أبرز محرّكات التحول نحو إنترنت الأشياء هي الزيادة الكبيرة في أعداد الأجهزة الجديدة المتصلة بالإنترنت التي يمكنها معالجة وتحليل ونقل البيانات إلى أجهزة أخرى، حيث يُتوقع أن يصل عدد الأجهزة الذكية المتصلة بالإنترنت بحلول عام 2030 إلى نحو 30 مليار جهاز، وعلى الرغم من أن تنامي هذه الشبكة من الأجهزة الذكية يُساهم في تعزيز ارتباط المجتمعات والتواصل فيها بشكلٍ غير مسبوق، إلا أن الطريق نحو الترابط الكامل والفعلي من خلال إنترنت الأشياء محفوفٌ بتحديات ليست بسهلة.
لذا يجب أن نُدرك أن أنظمة الخصوصية وجمع البيانات تختلف بين منطقة وأخرى، وبالتالي، يقتصر استخدام البيانات المنتجة في الكثير من الأحيان على الاستخدام المحلي، كما قد لا يكون الوصول إليها متاحاً للجميع، ويصعّب هذا النهج الانعزالي في إدارة البيانات من عمليات تبادل المعلومات بسلاسة بين القطاعين العام والخاص التي ستبقى محدودة في غياب مراكز بيانات تتمتع بما يكفي من القدرات لإدارة عمليات نقل المعلومات الهائلة هذه.
أهمية مراكز البيانات
لا يمكن في الوقت الراهن معرفة أو تقدير كمية البيانات الواجب معالجتها لاستغلال إمكانيات إنترنت الأشياء بالكامل، ولكن التقديرات تشير إلى أن أجهزة إنترنت الأشياء ستعالج حوالي 7.3 زيتابايت من البيانات سنوياً بحلول عام 2025، وبالتالي تتضح أهمية ضمان قدرة مراكز البيانات على إدارة هذا الطلب المتزايد.
وتعد مراكز البيانات البنية التحتية المادية، ويمكن تصميم حلول مراكز البيانات المختلفة لتلبية الاحتياجات الخاصة للعملاء بحسب الوظائف المطلوبة، فمراكز البيانات فائقة الحجم التي يستهلك تشغيلها أكثر من 2 ميجاوات تتولى إدارة كميات ضخمة من البيانات وتقدم خدماتها للمشاريع التجارية القائمة على السحابة وتلك القائمة على الخدمات التي تقوم بعمليات ضخمة على مستوى عالمي، أما مراكز البيانات المؤسسية فتقدّم حلولها للشركات، في حين تقدم مراكز البيانات الصغيرة حلولاً لامركزية على نطاق أصغر وعلى مستوى محلي.
اليوم، تُساهم مراكز البيانات بالفعل في تمكين مجموعة واسعة من الحلول التجارية وفي دعم الأفراد على اتخاذ خيارات أسهل وأكثر إنتاجية في حياتهم، لذا نحن نفخر بأن مراكز البيانات القوية التي أنشأتها الفنار للمشاريع أتاحت لشركائنا إمكانية تطوير حلول تقنية ذكية، وفي إطار رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى تحويل المملكة إلى أحد مراكز الخدمات السحابية الرائدة، فإنه من المقرر أن تشيّد الفنار للمشاريع واحداً من أربعة مراكز بيانات فائقة الحجم ستساهم في تسريع التحول الرقمي في المنطقة.
تحقيق الفائدة القصوى من قدرات مراكز البيانات
شكّلت معالجات البيانات القائمة على السحابة أحد أبرز محركات النمو الاقتصادي أثناء جائحة فيروس كورونا، حيث أتاحت للمنشآت فرصة الاستمرار في ممارسة أعمالها من مواقع مختلفة والاستفادة من مزايا العمل المرن، وبفضل الدعم الذي تستمر مراكز البيانات في توفيره على شكل حلول عمل متكاملة وسلسة من خلال مجموعة كبيرة من القنوات والمنصات وأنظمة تبادل البيانات، ستتسم الحلول التي ستبرز في المستقبل بمرونة أكبر وبهياكل تنظيمية لامركزية.
وعلاوةً على ذلك، تساعد مراكز البيانات الشركات وجهات التخطيط الحضري في ابتكار حلول أذكى تناسب متطلبات الحياة في المدن، لأن تطوير بنية تحتية جديدة أكثر ذكاءً على الإنترنت ستوفر لجهات التخطيط الحضري بيانات أكثر شمولاً تساعدهم على إدارة البنية التحتية وخدمات النقل والرعاية الطبية وغيرها من التطبيقات والاستخدامات بفعالية أكبر.
ولتحقيق الفائدة القصوى من المزايا المشتركة للتقنيات المتقدمة والاتصال الفائق وتحليلات البيانات المتطورة، يجب على مراكز البيانات التوسع بالوتيرة نفسها للحاق بركب التقنيات التي ستعتمد عليها، إذ تستمر التقنيات الجديدة بالتطور، إلا أن استخدامها سيبقى محدوداً في حال عدم إنشاء البنية التحتية التي يمكنها دعم هذه التقنيات.
بالإضافة إلى ذلك، تبرز حاجة ماسة لتطوير مهارات الأفراد في مجال معالجة البيانات في ظل الاعتماد المتزايد للمؤسسات العامة والخاصة على حد سواء على البيانات لمزاولة أعمالها، فالأتمتة تُساهم في تبسيط العديد من العمليات، إلا أن ضمان استغلال المستخدمين لهذه البيانات بكفاءة يعزز بدوره قدرة المؤسسات على الاستفادة من تدفقات البيانات إلى أقصى حد.
مع تزايد الاعتماد من قبل المؤسسات وصُناع السياسات على البيانات لابتكار حلول جديدة في مجالات التوسع الحضري والتنمية الاقتصادية، تبرز مراكز البيانات كإحدى أهم مقومات الجهود الرامية إلى تعزيز أثر هذه الحلول على حياة البشر وأعمالهم.