Scroll down
![محطات معالجة المياه المستقلة و أهميتها](/media/nfllw20m/ba7-cover-image.jpg)
محطات معالجة المياه المستقلة و أهميتها
تتعرض أنظمة الصرف الصحي العالمية لضغوطات متزايدة دفعت العالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص إلى ابتكار حل منهجي جديد يتمثل في إنشاء محطات مستقلة لمعالجة المياه.
يعاني مليارات الأشخاص حول العالم من العواقب الوخيمة للإجهاد المائي، وهذا بمثابة تذكير قوي بالحاجة الملحة غير المسبوقة لإنشاء بنية تحتية أكثر استدامة للمياه، لا سيما في ظل تداعي أنظمة الصرف الصحي الأساسية نتيجة التغير المناخي وتعرض العديد من الأفراد لخطر الأمراض التي تنقلها المياه نتيجة لذلك. وفي ضوء هذه التحديات، أصبحت هناك حاجة متزايدة لمحطات معالجة المياه المستقلة، فهي تقدم حلاً مقنعاً وفعالاً وهذا ما تثبته العديد من الأدلة.
يعد ضمان الوصول إلى الصرف الصحي الآمن أحد الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة، ورغم ذلك، يظل واحداً من أكثر الأهداف تحدياً على المستوى العالمي؛ إذ يفتقر 3.6 مليار شخص حول العالم إلى الوصول إلى خدمات الصرف الصحي الآمنة والمناسبة، في حين أن 1.7 مليار شخص محرومون حتى من مرافق الصرف الصحي الأساسية، وهو ما يعرض السكان في جميع أنحاء العالم لمخاطر كبيرة ويتركهم أمام تحديات لا بد من التطرق إليها.
يشكل غياب مرافق الصرف الصحي الآمنة تحدياً صحياً عالمياً كبيراً، لكنه ليس مصدر القلق الوحيد؛ فتصريف المياه الملوثة وإعادتها مرة أخرى إلى البيئة يشكل مصدر قلق بنفس القدر من التأثير، فهو يتسبب بأضرار جسيمة على البيئات المحلية المحيطة. وهذا واقع بالفعل، إذ يجري تصريف أكثر من 80% من مياه الصرف الصحي في البيئة دون أن تخضع لأي شكل من أشكال المعالجة، مما يُعرِّض كلاً من الموائل والسكان لمخاطر المواد الكيميائية الضارة.
وعليه، يعد إنشاء بنية تحتية قوية لمعالجة المياه أمراً أساسياً لتطوير أنظمة آمنة ومستدامة. وهذا ما نقوم به تماماً في الفنار للمشاريع، إذ نعمل على تطوير بنى تحتية تساهم في بناء أنظمة أكثر قوة ومرونة للأجيال القادمة.
أثر التغير المناخي على العالم
عندما يتعلق الأمر بعواقب التغير المناخي، غالباً ما تكون المياه هي الأكثر تأثراً ، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال التأثيرات الواضحة لهذه العواقب حالياً على مناطق مختلفة في جميع أنحاء العالم. ففي المناطق التي تتميز بمناخها الحار والجاف، تعتمد الطريقة الأساسية للحصول على رطوبة التربة اللازمة للزراعة والري بشكل كبير على مياه الأمطار. ولكن، مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، أصبح الحصول على إمدادات يمكن الاعتماد عليها من مياه الأمطار أمراً صعباً.
يعد الشرق الأوسط المنطقة الأكثر شحاً بالمياه في العالم، ويشهد حالياً ارتفاعاً في درجات الحرارة بوتيرة أسرع بمرتين من أجزاء أخرى من العالم. وبحلول نهاية القرن، ستعاني بعض البلدان، مثل الأردن، من انخفاض في معدلات هطول الأمطار بنسبة 30%، مما سيتسبب في زيادة وتيرة الجفاف وشدته، في حين ستواجه احتياطيات المياه الحرجة مثل بحيرة هاملين ضغوطاً متزايدة، تستلزم الحاجة إلى التفكير الإبداعي لمعالجة الوضع بشكل جذري.
تمكين حلول جديدة للمياه
تُنفِّذ المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي برامج تجريبية لمبادرات رائدة ومبتكرة تهدف إلى تلبية احتياجات المياه المستقبلية في البلاد بشكل فعال. فعلى سبيل المثال، يتضمن التطوير المبتكر لمدينة نيوم في المملكة تسخير أحدث التقنيات لإنشاء بنية تحتية متطورة ومستدامة للمياه لتلبية احتياجات سكانها. ويشتمل تصميم المدينة على منشأة متكاملة لتحلية المياه تعمل دون أي تصريف ضار، إلى جانب تقنيات مبتكرة أخرى لإدارة مياه الصرف الصحي والتي ستتيح إمكانية إعادة استخدام 100% من مياه الصرف الصحي دون التسبب بأي تصريف في البيئة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الإمكانات الواعدة لهذه المخططات المبتكرة، لا تزال هناك تحديات قائمة. فمثلاً، تعتمد محطات تحلية المياه بشكل عام على الوقود الأحفوري للقيام بعمليات تنقية المياه، وهو ما ينتج عنه ارتفاع في تكاليف الإنتاج. ومن هنا، تقدم محطات معالجة المياه المستقلة حلولاً بديلة لا تضاهى، فهي تقدم نهجاً أكثر فعالية من حيث التكلفة كما أنها قابلة للتطوير وأكثر استدامة بيئياً وذلك لضمان توفير حلول الصرف الصحي الآمنة للسكان في جميع أنحاء العالم، إلى جانب تعزيز الاقتصاد الدائري.
ما هي محطات معالجة المياه المستقلة؟
تعمل محطات معالجة المياه المستقلة على معالجة مياه الصرف الصحي بشكل مستقل عن شبكات المياه العامة. وتقوم هذه المحطات بمعالجة مياه الصرف الصحي الرافدة وتنقيتها عن طريق تدوير الهواء لتحفيز نمو البكتيريا الطبيعية التي تزيل المواد الكيميائية والضارة منها، وبالتالي، ضخ المياه الرافدة إلى البيئة دون إلحاق ضرر كبير فيها.
كما تلعب محطات معالجة المياه المستقلة دوراً حيوياً كمصدر مستدام وصديق للبيئة للطاقة الخضراء، لا سيما في المناطق والمجتمعات ذات الوصول المحدود إلى البنية التحتية الحالية لمعالجة المياه. وتتميز محطات معالجة المياه المستقلة بقدرتها على توليد مياه آمنة وصديقة للبيئة يمكن استخدامها محلياً في الري أو تصريفها مرة أخرى في البيئة بطريقة آمنة، مما يجعلها مصدراً حيوياً مهماً لجمع المياه وإعادة استخدامها، وهو طموح كبير لدول مجلس التعاون الخليجي وجوهر رؤية المملكة العربية السعودية 2030.
بالإضافة إلى ذلك، تنتج محطات معالجة المياه المستقلة الحمأة (الرواسب الطينية)، والتي يمكن حرقها لإنتاج الغاز الحيوي، وهو شكل متجدد ومستدام من الطاقة الخضراء، ولأن هذه المحطات تتطلب عادةً حداً أدنى من الكهرباء أو لا تتطلب أي كهرباء للتشغيل على الإطلاق، فيمكن بسهولة تشغيلها بواسطة مصادر الطاقة المتجددة.
يعتبر بناء محطات معالجة للمياه في المملكة العربية السعودية طموحاً كبيراً للمملكة. وثمة مشاريع مهمة استراتيجياً لمعالجة المياه قيد التنفيذ في الوقت الحالي، مثل محطة الطائف المستقلة لمعالجة مياه الصرف الصحي. وتهدف مثل هذه المشاريع الرائدة إلى ضمان وصول المجتمعات المقيمة في المناطق التي تعاني من إجهاد مائي شديد إلى الصرف الصحي الآمن. بالإضافة إلى ذلك، تساهم هذه المشاريع في تطوير نظام مياه دائري متجدد، والذي بدوره يدعم الاقتصاد الحيوي الإقليمي.
ويمكن لمحطة الطائف المستقلة معالجة نحو 100,000 متر مكعب من مياه الصرف الصحي المتدفقة يومياً. وبفضل نظام التوليد المشترك المتطور للكتلة الحيوية والذي يستخدم الحمأة المتولدة بشكل طبيعي، يمكن للمحطة توليد ما يصل إلى 30% من احتياجات الطاقة الخاصة بها ببساطة من خلال منتجها الثانوي، ومن ثمإطلاق المياه النقية على شكل نفايات سائلة واستخدامها لري مناطق خضراء تبلغ مساحتها 21 هكتاراً حول العالم.
مستقبل البنية التحتية الدائرية للمياه
يمثل التغير المناخي تهديداً كبيراً للبنية التحتية العالمية للمياه، فهو يؤثر على جوانب مهمة مثل مياه الشرب النظيفة التي تحافظ على الأمن الغذائي وتدعم الموائل الطبيعية، وكذلك على أنظمة الصرف الصحي التي تمنع انتشار الأمراض. ولذلك، لا بد من التصدي لأزمة التغير المناخي لضمان الوصول الآمن إلى موارد المياه.
على الرغم من أن الحلول التقنية المبتكرة تدعو للتفاؤل، إلا أن العديد من هذه الحلول مكلفة للغاية وتعتمد بشكل أو بآخر على الوقود الأحفوري للحصول على الطاقة. لذلك، من الضروري تطوير بنية مائية ليست قابلة للتطوير فحسب، بل مستدامة أيضاً، مما يضمن استمرارية الوصول إلى المياه النظيفة والآمنة وخدمات الصرف الصحي لكل من الأفراد والبيئة بطريقة مجدية من حيث التكلفة.
ومن هذا المنطلق، تحرص شركة الفنار للمشاريع على الاستفادة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص لبناء بنية تحتية للمياه قادرة على التكيف مع التغير المناخي، مما يضمن استمرار وصول المجتمعات إلى هذا المورد الحيوي.